الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أسباب النزول (نسخة منقحة)
.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}... الْآيَةَ. [16]. أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ بِحَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَالَتْ فِيهِ: وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ حِينَ أخبرته امرأته فقالت: يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَ: وَمَا يَتَحَدَّثُونَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فَقَالَ: مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ. قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}. - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ لِابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَةَ- وَهِيَ تَمُوتُ، وَعِنْدَهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- فَقَالَ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ بَنِيكِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ تَزْكِيَتِهِ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقِيهٌ فِي دِينِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَأْذَنِي لَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْكِ وَلْيُوَدِّعْكِ! فَقَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ؟ فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: أَبْشِرِي يَا أمَّ المؤمنين فواللَّه مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْكِ كُلُّ أَذًى وَنَصَبٍ، أَوْ قَالَ وَصَبٍ، فَتَلْقِي الْأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحِزْبَهُ، أَوْ قَالَ وَأَصْحَابَهُ، إِلَّا أَنْ يُفَارِقَ الرُّوحُ جَسَدَهُ، كُنْتِ أَحَبَّ أَزْوَاجِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَيْهِ، ولم يكن ليحب إلا طَيبًا، وأنزل اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَتَكِ مِنْ فوق سبع سموات، فَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَسْجِدٌ إِلَّا وَهُوَ يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ الأبْوَاء فاحتبس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي الْمَنْزِلِ وَالنَّاسُ مَعَهُ فِي ابْتِغَائِهَا، أَوْ قَالَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الْآيَةَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ لِلنَّاسِ عَامَّةً في سببك، فواللَّه إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ. فَقَالَتْ: دَعْنِي يَا ابْنَ عَبَّاسٍ من هذا، فواللَّه لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. .قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآية. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الْخَانَاتِ وَالْمَسَاكِنَ فِي طُرُقِ الشَّامِ لَيْسَ فِيهَا سَاكِنٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} الْآيَةَ. .قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ...} الْآيَةَ. [33]. .قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} الآية. [33]. كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يَقُولُ لِجَارِيَةٍ لَهُ: اذْهَبِي فَابْغِينَا شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} نَزَلَتْ فِي مُعَاذَةَ، جَارِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بن سَلُولَ. - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قال: حدَّثنا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: كَانَتْ مُعَاذَةُ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ وَكَانَتْ مُسْلِمَةً، فَكَانَ يَسْتَكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}... إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ. أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: مُسَيْكَةُ، فَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}... إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نَزَلَتْ فِي مُعَاذَةَ ومُسَيْكَة، جَارِيَتَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ، كَانَ يُكْرِهُهُمَا عَلَى الزِّنَا لِضَرِيبَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُؤَاجِرُونَ إِمَاءَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ قَالَتْ مُعَاذَةُ لِمُسَيْكَةَ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَا يَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ: فَإِنْ يَكُ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرْنَا مِنْهُ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا فَقَدْ آنَ لَنَا أَنْ نَدَعَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. - وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي سِتِّ جَوَارٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ- كَانَ يُكْرِهُهُنَّ عَلَى الزِّنَا، وَيَأْخُذُ أُجُورَهُنَّ- وَهُنَّ: مُعَاذَةُ، وَمُسَيْكَةُ، وَأُمَيْمَةُ، وَعَمْرَةُ، وَأَرْوَى، وَقُتَيْلَةُ.- فَجَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِدِينَارٍ، وَجَاءَتْ أُخْرَى بِبُرْدٍ فَقَالَ لَهُمَا: ارْجِعَا فَازْنِيَا، فَقَالَتَا: وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، قَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَحَرَّمَ الزِّنَا، فَأَتَيَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَشَكَتَا إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. - أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ- فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ- أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ الْفَضْلِ الْحَدَّادِيُّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَسِيرًا، وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ جَارِيَةٌ يُقَالُ لها: مُعاذة، فكان الْقُرَشِيُّ الْأَسِيرُ يُرَاوِدُهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَكَانَتْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لِإِسْلَامِهَا وَكَانَ ابْنُ أُبَيٍّ يُكْرِهُهَا عَلَى ذلك ويضربها رَجَاء أَنْ تَحْمِلَ مِنَ الْقُرَشِيِّ، فَيَطْلُبَ فِدَاءَ وَلَدِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ: أَغْفِرُ لَهُنَّ مَا أُكْرِهْنَ عَلَيْهِ. .قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الآية. [48]. .قوله تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية. [55]. - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بن الحسين النقيب، قال: أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عبد اللَّه بن محمد بْنِ الْحَسَنِ النَّصْرَابَاذِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قدم النبي صلى اللَّه عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ الْمَدِينَةَ، وَآوَتْهُمُ الْأَنْصَارُ- رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ: فَكَانُوا لَا يَبِيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ، وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِ، فَقَالُوا: أَتَرَوْنَ أَنَّا نَعِيشُ حَتَّى نَبِيتَ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ لَا نَخَافُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} يَعْنِي بِالنِّعْمَةِ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ الدَّارِمِيِّ. .قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ..}.الْآيَةَ. [58]. - وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ مَرْثَدٍ، كَانَ لَهَا غُلَامٌ كَبِيرٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ كَرِهَتْهُ، فَأَتَتْ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ خَدَمَنَا وَغِلْمَانَنَا يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا فِي حَالٍ نَكْرَهُهَا- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. .قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}... [61]. - وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: كَانَ الْعُرْجَانُ وَالْعُمْيَانُ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَتَقَذَّرُونَهُمْ، وَيَكْرَهُونَ مُؤَاكَلَتَهُمْ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يُخَالِطُهُمْ فِي طَعَامِهِمْ أَعْمَى وَلَا أَعْرَجُ وَلَا مَرِيضٌ، تَقَذُّرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرْخِيصًا لِلْمَرْضَى وَالزَّمْنَى فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَانُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَا يُطْعِمُونَهُمْ، ذَهَبُوا بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ، وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ بَعْضِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ أَهْلُ الزَّمَانَةِ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ أَنْ يَطْعَمُوا ذَلِكَ الطَّعَامَ، لِأَنَّهُ أَطْعَمَهُمْ غَيْرُ مَالِكِيهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا يَذْهَبُونَ بِنَا إِلَى بُيُوتِ غَيْرِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ التَّاجِرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هذه الآية: أنزلت فِي أُنَاسٍ كَانُوا إِذَا خَرَجُوا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وَضَعُوا مَفَاتِيحَ بُيُوتِهِمْ عِنْدَ الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ وَعِنْدَ أَقَارِبِهِمْ، وَكَانُوا يَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتِهِمْ إِذَا احْتَاجُوا إلى ذلك، فكانوا يقفون أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا، وَيَقُولُونَ: نَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ أَنْفُسُهُمْ بِذَلِكَ طَيِّبَةً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
|